button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

بعد أكثر من 60 عامًا من التطوير، إليكم المحرك النووي الذي من المقرر إرساله إلى المريخ

لعقود، سعى العلماء والمهندسون إلى إيجاد طرق لجعل السفر إلى الفضاء أسرع وأكثر كفاءة. ورغم موثوقية أنظمة الدفع الكيميائي التقليدية، إلا أنها تعاني من قيود كبيرة فيما يتعلق بمهام الفضاء العميق. والآن، وبعد أكثر من 60 عامًا من البحث والتطوير، تستعد ناسا وداربا لاختبار محرك دفع حراري نووي (NTP)، وهي تقنية ثورية يمكنها تقليص وقت السفر إلى المريخ من ستة أشهر إلى 45 يومًا فقط.

صورة بواسطة DARPA على wikipedia

تطور الدفع الفضائي النووي

تعود فكرة استخدام الدفع النووي في السفر إلى الفضاء إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما أطلقت القوات الجوية الأمريكية وهيئة الطاقة الذرية مشروع روفر، وهو مبادرة لتطوير صواريخ تعمل بالطاقة النووية. وبحلول الستينيات، تولت ناسا مسؤولية البرنامج، مما أدى إلى إنشاء المحرك النووي لتطبيقات المركبات الصاروخية (NERVA). أثبت NERVA نجاحه في إثبات الدفع الحراري النووي، لكن تخفيضات التمويل في السبعينيات أوقفت المزيد من التطوير قبل إجراء أي اختبارات طيران. وعلى الرغم من النكسات، لم يتراجع الاهتمام بالدفع النووي أبدًا. في السنوات الأخيرة، أحيت ناسا برنامجها النووي، مُركزةً على الدفع النووي ثنائي النمط، الذي يجمع بين الدفع الحراري النووي (NTP) والدفع الكهربائي النووي (NEP). يُمكن لهذا النهج أن يُتيح سفرًا فضائيًا أسرع وأكثر كفاءة، مما يجعل البعثات إلى المريخ وما بعده أكثر جدوى. يُعزى الاهتمام المُتجدد بالدفع النووي إلى الحاجة إلى رحلات فضائية طويلة الأمد. تتطلب الصواريخ الكيميائية كميات هائلة من الوقود، مما يجعل السفر في أعماق الفضاء غير عملي. مع ذلك، يُوفر الدفع النووي كثافة طاقة أعلى، مما يسمح للمركبات الفضائية بالسفر لمسافات أبعد باستخدام وقود أقل.

كيف يعمل الدفع الحراري النووي

على عكس الصواريخ الكيميائية التي تعتمد على الاحتراق، يستخدم الدفع الحراري النووي مفاعلًا نوويًا لتسخين مادة دافعة - عادةً ما تكون هيدروجينًا سائلًا. يتمدد الهيدروجين المسخن ويُطرد عبر فوهة، مولدًا قوة دفع. تُعد هذه الطريقة أكثر كفاءة بكثير من الدفع الكيميائي التقليدي، مما يسمح للمركبات الفضائية بالسفر لمسافات أطول باستخدام وقود أقل. تتمثل الميزة الرئيسية للدفع الحراري النووي في ارتفاع نسبة الدفع إلى الوزن، مما يُمكّن من التسارع السريع. بالوصول إلى المريخ في 45 يومًا فقط، سيقضي رواد الفضاء وقتًا أقل بكثير في التعرض للإشعاع الكوني والجاذبية الصغرى، مما يُقلل من المخاطر الصحية المرتبطة بالسفر الفضائي طويل الأمد.

صورة بواسطة NASA, ESA, CSA, and STScI على wikipedia

يهدف برنامج "صاروخ تجريبي للعمليات القمرية الرشيقة" (DRACO) التابع لوكالة ناسا ووكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية (DARPA) إلى اختبار محرك NTP في الفضاء بحلول عام 2027. في حال نجاحه، يُمكن لهذه التقنية أن تُحدث ثورة في السفر بين الكواكب، مما يُمهد الطريق لاستكشاف البشر للمريخ وما بعده. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الدفع النووي لاستكشاف الفضاء السحيق، بما في ذلك البعثات إلى كوكبي المشتري وزحل وما بعدهما. ستتيح القدرة على السفر بشكل أسرع وأكثر كفاءة للعلماء استكشاف عوالم بعيدة، والبحث عن حياة خارج كوكب الأرض، وتوسيع نطاق الوجود البشري في الكون.

التحديات والآفاق المستقبلية

في حين يوفر الدفع النووي إمكانات هائلة، لا تزال هناك العديد من التحديات. أحد أكبر المخاوف هو السلامة من الإشعاع - سواء لرواد الفضاء أو للبيئة. يجب على المهندسين تصميم أنظمة حماية لحماية أفراد الطاقم من الإشعاع المنبعث من المفاعل الموجود على متن المركبة. ويتمثل تحدٍ آخر في إدارة الحرارة في الفضاء. تُولد المفاعلات النووية درجات حرارة قصوى، مما يتطلب أنظمة تبريد متطورة لمنع ارتفاع درجة الحرارة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتحمل مواد المركبات الفضائية التعرض لفترات طويلة للإشعاع عالي الطاقة دون أن تتحلل. على الرغم من هذه العقبات، يستمر التقدم. تعمل شركات مثل جنرال أتوميكس على تطوير مواد فائقة المقاومة قادرة على تحمل ظروف الفضاء القاسية. وقد أظهرت الاختبارات الأخيرة نتائج واعدة، مما يقرب العلماء من تحقيق دفع نووي آمن وموثوق. تعمل ناسا أيضًا على أنظمة إيقاف تشغيل المفاعلات الآلية، والتي ستسمح للمركبات الفضائية بتعطيل محركاتها النووية بأمان في حالات الطوارئ. تُعد هذه الأنظمة أساسية لضمان سلامة رواد الفضاء ومنع الحوادث المحتملة. ويتمثل التحدي الآخر في التصور العام. فلطالما ارتبطت التكنولوجيا النووية بالمخاطر، وسيكون إقناع الجمهور بسلامتها أمرًا بالغ الأهمية لاعتمادها على نطاق واسع. وتُجري ناسا وداربا أبحاثًا مكثفة لضمان أمان وفعالية الدفع النووي.

صورة بواسطة NASA على wikipedia

مستقبل استكشاف الفضاء

إذا أثبت الدفع النووي نجاحه، فقد يُحدث نقلة نوعية في السفر الفضائي كما نعرفه. فالبعثات إلى المريخ، التي تستغرق حاليًا من ستة إلى تسعة أشهر، قد تُنجز في غضون أسابيع قليلة. وهذا من شأنه أن يجعل جهود الاستيطان طويلة الأمد أكثر عملية، ويفتح الباب أمام استكشافات فضائية أعمق. وإلى جانب المريخ، يُمكن للدفع النووي أن يُمكّن البعثات إلى كوكبي المشتري وزحل، وحتى وجهات بين النجوم. وستُمكّن القدرة على السفر بشكل أسرع وأكثر كفاءة العلماء من استكشاف عوالم بعيدة، والبحث عن حياة خارج كوكب الأرض، وتوسيع نطاق الوجود البشري في الكون. وتدرس ناسا بالفعل استخدام مركبات فضائية تعمل بالطاقة النووية في بعثات مستقبلية إلى قمري أوروبا وتيتان، اللذين قد يحتويان على محيطات سائلة تحت سطحيهما الجليديين. وستتيح أوقات السفر الأسرع للعلماء إجراء دراسات أكثر تفصيلًا، وربما اكتشاف علامات على وجود حياة. وبينما تستعد ناسا وداربا لأول اختبار فضائي لصاروخ حراري نووي، أصبح حلم الوصول إلى المريخ في وقت قياسي أقرب من أي وقت مضى. بعد أكثر من ستة عقود من التطوير، أصبح الدفع النووي على أهبة الاستعداد لإحداث ثورة في السفر إلى الفضاء، مما يقربنا خطوة واحدة من أن نصبح نوعًا من البشر يعيش بين الكواكب.

toTop