التكنولوجيا اليومية
·12-09 06:15
قام علماء أحياء بحرية أوروبيون بالتعاون مع شركة تعدين تستخرج من أعماق البحار في منطقة كلاريون-كليبرتون، وهي رقعة واسعة من قاع المحيط تقع بين المكسيك وهاواي. استمر العمل خمس سنوات، وأسفر عن تسجيل نحو 4000 نوع بحري، منها 88 % لم يُعرف من قبل. يوسع هذا الاكتشاف المعرفة الحالية بتنوُّن الأحياء في أعماق البحار، ويُظهر مدى محدودية فهمنا للحياة في تلك الأعماق، تحديداً على عمق 4000 متر تحت سطح الماء.
هدف المشروع في بدايته إلى تقييم تأثير تقنيات استخراج المعادن من أعماق البحار على البيئات البحرية. يركز هذا النوع من التعدين على الحصول على معادن أساسية مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل، وهي مواد ضرورية لصناعة ألواح الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية. بما أن هذه المعادن تندر في اليابسة، يُنظر إلى قاع البحر كمصدر بديل. لم تُحسم بعد كل النتائج البيئية الناتجة عن هذا النشاط، لذا لم تصدر السلطة الدولية لقاع البحر تراخيص التعدين التجاري، واكتفت بالموافقة على دراسات تقييم أولية مثل هذه.
جمع الفريق 80 عينة من الرواسب بطريقة موحدة قبل وبعد التجارب التعدينية، وسجّل التحليل 4350 كائناً تمثل نحو 800 نوع، منها 88 % لم تُوثق في السابق. أظهر وجود مركبة التعدين انخفاضاً في العدد الإجمالي للحيوانات بنسبة 37 % وتراجعاً في تنوع الأنواع بنسبة 32 %. السبب كان إزالة الخمسة سنتيمترات العليا من الرواسب - وهي الغطاء الذي تعيش فيه معظم الكائنات على هذا العمق - بواسطة معدات التعدين. أعادت بعض الأنواع الانتشار فور استقرار الرواسب، بينما لم تظهر أنواع أخرى خلال فترة المتابعة.
رغم وضوح الضرر المباشر للحيوانات المحلية، يبقى من الصعب قياس التبعات البعيدة بسبب تعقيد النظم البيئية في أعماق البحار وقلة المعلومات عنها. أُجري التحليل باستقلالية تامة دون تدخل الجهات الممولة، مما يعزز موثوقية النتائج. يشير الباحثون إلى أن التغيرات الطبيعية في التنوع البيولوجي تحدث بالتوازي مع التدخلات البشرية، ما يصعّب تحديد حجم الضرر بدقة.
توضح الدراسة مواجهة مباشرة بين الاكتشاف العلمي والتقدم التكنولوجي. تكشف أعمال التنقيب في أعماق البحار عن تنوع حيوي واسع لم يُعرف سابقاً، وتُبرز الحاجة إلى مزيد من البحث والرقابة البيئية. في المقابل، يدفع الطلب على مصادر الطاقة الجديدة إلى تدخلات تكنولوجية تقلل بسرعة من أعداد الحيوانات وتنوع الأنواع. يبقى التحدي المستمر أمام العلم والصناعة هو تحقيق توازن بين استخراج المعادن والحفاظ على النظم البيئية غير المستكشفة.
ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث بمنهجيات موحدة تعتمد على البيانات لتزويد السياسات والتنظيمات الخاصة باستخدام موارد أعماق البحار.














