أخبار كرة القدم العالمية
·08-06 17:54

بينما يستعد سانتي كازورلا لاعتزال كرة القدم في سن الأربعين، تكتمل رحلته بدائرة مغلقة في ريال أوفييدو، النادي الذي بدأ فيه حبه لهذه الرياضة. بعد مسيرة كادت أن تنتهي مبكرًا بسبب إصابة قاسية في الكاحل، يمثل عودته إلى النادي الذي نشأ معه انتصارًا شخصيًا وفصلًا أخيرًا مليئًا بالرمزية. صعود أوفييدو إلى الدوري الإسباني بعد غياب 24 عامًا منح كازورلا الوداع المثالي، بفضل دعم عائلته، وخاصة ابنه إنزو.
خلال عامين بعيدًا عن الملاعب، واجه كازورلا ألمًا وعزلة لا يمكن تخيلها. 11 عملية جراحية وعدوى خطيرة هددت ساقه وكادت تنهي مسيرته. في أحلك لحظاته، فكر في الاعتزال، لكن ابنه الصغير شجعه بكلمات ملهمة. كان هذا الدعم العائلي، بجانب زوجته أورسولا وابنته إينديا، هو ما منحه القوة للمواصلة. "كلماتهم هي وقودي كل يوم"، كما يعترف.
الآن، بعد عودته إلى حيث بدأ كل شيء، وقع كازورلا عقدًا لموسم واحد ليلعب مع أوفييدو في الدرجة الأولى. يعتبر هذه اللحظة مثالية للتوقف، رغم حبه العميق للعبة. بعد تحقيق حلمه باللعب مع أوفييدو في الليغا، بات مستعدًا لاستمتاع بكل دقيقة في مشواره الأخير.
تحولت قدرة كازورلا على الصمود إلى سمة مميزة له. بعد إصابة بدت بسيطة مع منتخب إسبانيا عام 2013، تدهورت حالته على مدى ثلاث سنوات. إحدى العمليات الجراحية تسببت في عدوى دمرت جزءًا من وتر أخيل، لدرجة أن الأطباء خشوا ألا يتمكن من المشي بشكل طبيعي مجددًا. خلال إعادة البناء، تم نقل جلد من ذراعه - يحمل وشمًا باسم ابنته - إلى كاحله.
طوال هذه المحنة، بقي كازورلا متحديًا. رفض فكرة أنه لن يعود، واستخف بخطورة الإصابة لفترة طويلة، لكن الألم أصبح لا يُحتمل. عودته شملت معارك جسدية وعاطفية، خاصة مع بعده عن أحبائه. "الانتقال من الإمارات إلى سرير المستشفى وحيدًا كان صعبًا"، كما يتذكر.
آرسنال، النادي الذي قضى فيه بعض أفضل سنواته، مدد عقده مرة أثناء التعافي، لكنهم رفضوا تجديده عندما شعر أنه جاهز للعودة. رغم مشاركته في 180 مباراة وتسجيله 29 هدفًا في ست سنوات، اعتقد النادي أن أيامه في القمة قد ولت. تقبل كازورلا القرار لكنه لا يزال يحتفظ بذكرياته الجميلة هناك، ويحافظ على تواصله مع ميكيل أرتيتا، ويعبر عن انفتاحه للعودة بأي دور بعد الاعتزال. "إذا اتصلوا، سأستمع"، كما يقول.
ارتباط كازورلا بريال أوفييدو ليس عاطفيًا فحسب، بل نشط ومستمر. بعد مغادرته النادي عام 2003 دون مشاركة مع الفريق الأول بسبب أزماتهم المالية، عاد لشراء أسهم لإنقاذهم في أوقات صعبة. عند عودته عام 2023، كان مستعدًا للعب دون أجر، لكن قواعد الدوري فرضت راتبًا رمزيًا (80 ألف جنيه سنويًا)، مع تبرع جزء من مبيعات قميصه لأكاديمية النادي.
تأثيره تجاوز الملعب. قيادته وخبرته ساعدتا الفريق على استعادة الإيمان. رغم خسارة نهائي الملحق عام 2023، عادوا أقوى. ضربته الحرة في نصف النهائي وركلته الترجيحية في النهائي كانتا حاسمتين في تحقيق الصعود التاريخي. وجوده أعاد إحياء الدعم المحلي - الأطفال باتوا يرتدون قمصان أوفييدو بفخر، وليس فقط قمصان العمالقة الإسبان أو الإنجليز.
رغم أن الجماهير والنادي يعتبرونه رمزًا، يرفض كازورلا هذا اللقب. في احتفال الصعود، غنى النشيد غير الرسمي للنادي مع الآلاف، لكنه يؤكد أنه مجرد لاعب يحاول المساعدة. يشجع زملاءه الأصغر سنًا - الذين يرونه أسطورة - على التعامل معه كندٍّ. "أفضل أن يُذكرني الناس كشخص طيب بدلًا من لاعب عظيم"، كما يقول. بتواضعه وثباته، يغلق كازورلا فصل كرة القدم في حياته كما عاشه - يقاتل، يرد الجميل، ويبقى دائمًا صادقًا مع نفسه.















